الجمعة، 14 مايو 2010

بل اثنتين..

أخي مصطفى: الو ايه النظام؟
أنا: ولا حاجة مفيش نظام
مصطفى: انت فين؟
أنا:السؤال المعتاد.. يعني اكيد في الشغل يعني
مصطفى:تاخدي بكرة اجازة و نروح نصطاد؟
أنا:ايه دة بجد ! اه طبعا اوكى .. هاخد اجازة .. و مفيش ضغط في الشغل .. خلاص إن شاء الله
شعر مصطفى بأني أحتاج إلى التغيير في هذا الوقت بالذات... مصطفى أخي الاصغر .. و لكنه لم يعد صغيرا .. فقد كبر و أصبح رجلا يعتمد عليه.. حنون بتصرفاته و عاقل بنظراته.
أحب كثيرا هذه الرحلات التي تولد في ثانية و تنفذ في الثانية التي تليها.. فقليل من عدم التخطيط يعيد إلي بعض طفولتي و إنطلاقي.

في اليوم التالي صلينا الفجر و انطلقنا .. بدأ اليوم نشيطا جميلا. وصلنا الساعة الثامنة تقريبا إلي هذا المكان الذي لم نصطد فيه من قبل. فعادة ما نصطاد في العين السخنة و لكن هذه المرة نصطاد في سيناء .. هذه الارض الجميلة التي يدمي قلبي لحالها لأسرها بمعاهدات خائنة.. و ياليتها هي فحسب و لكن مصر كلها مأسورة .. يقول الصيادون أن هذا المكان ملييء بالسمك .. قابلنا عمي بعد نفق الشهيد أحمد حمدي

في كل مرة نذهب فيها إلي الصيد يصطاد الجميع .. إلا أنا .. لا أعرف لماذا.. كل مرة أحاول عبثا حتى استسلمت .. و قلت لنفسي لا عليك .. كل إنسان يفشل في بعض الأمور و ينجح في البعض الآخر..و مع ذلك كنت ألقي بالسنارة و أشعر بالسمك يلدغ الطعم فأقول ضاحكة .. "أنا باحب اغدي السمك"
لأخفي فشلي في صيد أي منها..كنت أذهب إلى الرحلات لأستمتع بالبحر و السماء و الجو الجميل و صحبة الأهل التي لا تخلو من الضحك و المواقف اللطيفة

و لكن هذا اليوم أحسست أني سأصطاد .. لا أعرف من أين جاءني هذا الشعورفقد فشلت في هذا عشرات المرات.. لا أعرف .. ظل يخالجني .. حتى اتصلت أمي نصف نائمة "ها وصلتوا؟" فقلت لها "لء لسة في الطريق .." ثم قلت "ادعيلي اصطاد يا مامي" شعرت بها تضحك و تقول "إن شاء الله تصطادي" أمي انسانة جميلة .. متفائلة إلى أقصى حد .. تملئ البيت بالسعادة و المرح و تملأه بالناس أيضا فمن كرمها يعتبر الجميع أن بيتنا هو بيت العائلة..

ظل مصطفى يقود حتى وصلنا إلي مرسى اليخوت .. لم يكن مكتمل بل كان تحت الإنشاء، فحتى نصل الى اليخت، نمشي على حديد مفرغ إذا نظرت تحت أقدامك ترى البحر.. فهذا الحديد هو نواة لسان لم يكتب له أن يكتملا بعد. قفزنا في اليخت و بدأت الرحلة. بحر أزرق يحملنا و سماء زرقاء تغطينا و الله حافظنا.

أوقف البحار اليخت و قال "هنصطاد هنا إن شاء الله" و بدأنا نصطاد .. أقصد بدأ الجميع يصطادون .. يخرجون السمكة تلو الأخرى ماشاء الله .. أما أنا فليس لي نصيب من هذا... ظلوا يصطادون و يهللون و بدأت مبارزة الصيد بين عمي و مصطفى.. فكلما إصطاد أحدهما سمكة قال للآخر :"مش هتعرف تصطاد سمكة زى دي "..و إذا إصطاد مصطفى سمكة أعجبت عمي جاء و أخذ مكانه ..كم أحب روحه الشابة هذه.

أدركت وقتها أن ثمة شيىء لاأفهمه في الصيد.. فجلست أراقبهما حتى أتعلم.. أمعنت في المراقبة .. فربما لأنهما يرميان السنارة أبعد مني ؟لا لا .. ليس هذا .. ربما لأنهما أكثر صبرا مني؟...لم أعرف..فسألت عمي .. فقال "أمسكي السنارة كدة و ارميها و حطي ايدك على الخيط عشان تحسى بالسمك لما ييجي و افردى السنارة عشان الحركة توصل لايدك" ففعلت .. و لكن لم يغير هذا شيئا.. فعدت ثانية للمراقبة..

فلاحظت أن عمي يتمتم بشيء قبل أن يلقي بالسنارة.. فسألته :"عمو حضرتك بتقول ايه ؟" فضحك و قال و هو يخفض صوته و كأنه يبوح لي بسر ثمين :"أنا هأقولك عشان باحبك .. الصيد دة رزق و الرزق دة بتاع ربنا و بس.. احنا يدوب بنرمي السنارة ..و احنا بندعي .. و الاهم من الدعاء انك تكوني متأكدة من ان ربنا هيستجيبلك.. فلازم تحسي ان ربنا بيحبك .. و ان السمكة دي رزقك انتي ربنا باعتهالك انت بالذات..انا بأقول يا رب اني احبك لكل النعم التى انعمتها علي بغير حساب"..يا رب ارزقني و اقرأ سورة أو آية باحبها من القرآن ،الفاتحة ،آية الكرسي.. و بارمي و اركز مع السنارة و بس و ربنا هيرزقنى أكيد..."

أخذت نفسا عميقا و أخذت السنارة و لكن ليس سنارتى .. كالطفلة أخذت سنارة عمي .. و قلت له "أصل دي مزبوطة و بركة كمان :) ".أخذت السنارة و بدأت أنفصل عن العالم ، أغمضت عيني و شعرت بالهواء من حولي..ثم دعوت الله و قلت: "يارب نفسي اصطاد جدا.. يا رب ارزقني .. انت الرزاق.. انت الكريم.. " و قرأت آية الكرسي ثم ألقيت بالسنارة و التحمت معها و كأن السنارة أصبحت جزءا لا يتجزأ من جسدي.حتى شعرت بتيارات المياه إذا أخذت تراقص الخيط تحت الماء.

فتحت عيني فجأة على أثر اهتزاز قوى في السنارة فصرخت فرحا.." سمكة .. سمكة .. مصطفى .. عمو .. تعالوا شدوا معايا مش ادرة اشدها"..فجاءا و لكن لم يساعداني.. قالوا "شدي .. هتأدري..." ظللت أنا و السمكة نتجاذب أطراف الخيط بإصرار من الجانبين.. فهذه السمكة رزقي و لن أتركها.. و بفضل الله رفعت السمكة ... ما إن رأها الجميع حتى قالوا سبحان الله ما هذا الجمال. كانت ألوانها خمسة: أزرق-فضي-أحمر- موف-أصفر .. و كلها متداخلة.كانت جميلة ، اسمها سمكة الببغاء.. كما قال البحار.. "يا انسة دي سمكة ما تطلعش في سنارة ابدا لانها زكية اوي ... دي تطلع في شبك بس انت بجد صيادة قديمة أكيد".. فضحكت و قلت له "دي أول سمكة اصطادها في حياتي ". فكان كلام عمي حقا كنزا ..أدركته تماما.."

رميت السنارة من جديد و كلي يقين أني سوف أصطاد مرة أخرى.. و لم تمر خمسة دقائق الا وأخرجت ببغاء أخرى.و من يومها و أنا اصطاد كل مرة.

هناك 6 تعليقات:

  1. I really like Allaa.
    يا رب اني احبك لكل النعم التى انعمتها علي بغير حساب
    so nice :)

    ردحذف
  2. This is really a very good story, I liked it so much.
    I liked the start, the suspense, the smoothness of the events, and the most important....The Moral.
    Waiting for more good stories isA :)

    ردحذف
  3. Merci ya Raouf .. happy u liked it..

    m3lish howa min Noodles??

    ردحذف
  4. To7fa..gamila awy...Masha Allah...bardo count me in :) plzzzzzzzzzzzz

    ردحذف